قرأت لكم
|
تونس و أزمتها المالية الخانقة.
محمد كريشان*
محمد كريشان*
القدس العربي 2 أبريل 2014
الدولة التونسية قد تصبح عاجزة عن
سداد أجور الموظفين ومعاشات التقاعد في نهاية نيسان/ أبريل الحالي مع شبه استحالة
لدفع رواتب تموز/ يوليو المقبل إذا ما تواصلت الأمور على ما هي عليه الآن! . هذا
ما صدمت به المواطنين أمس الثلاثاء صحيفة ‘المغرب’ التونسية اليومية على كامل
صفحتها الأولى مع آراء لخبير اقتصادي مرموق يقول بأن البلاد لم تشهد منذ الاستقلال
مثل هذا التدهور لمالية الدولة. يقول رئيس تحرير الصحيفة واسعة الانتشار إستنادا
لــ ‘مصادر مطلعة وقريبة من أوساط القرار الحكومي’ بأنه ‘لا أحد يمكنه أن يتصور
ماذا سيحدث في الساعات الأولى التي تدرك فيها حوالي أربعة ملايين عائلة أنه لا
مورد لها هذا الشهر… الثابت أن البلاد ستنهار على الجميع حكاما ومحكومين’ ليخلص في
النهاية إلى أن على الجميع في تونس أن يدرك أن ‘المطلوب ليس إنقاذ حكومة مهدي جمعة
أو تصفية الحسابات مع الـــــترويكا (الثلاثي الحاكم قبلها بقيادة حركة النهضة
ومشاركة حزبي التكتل والمؤتمر) ..المطلوب اليوم هو إنقاذ تونس فسفينتها تغرق ..
تغرق..’.
كانت هناك إشارات عديدة هنا وهناك بأن الوضع المالي والاقتصادي لتونس صعب جدا هذه الأيام ولكن ما من أحد على وجه التحديد أفصح بجلاء بأن الأمور يمكن أن تصل إلى هذا المستوى من السوء. ربما احتاج التونسيون إلى صدمة من هذا القبيل حتى يدركوا جميعا أن الوضع لم يعد يحتمل على الإطلاق مزيدا من التدهور وأن الجميع مسؤول بدرجات متفاوتة على أخذ البلاد نحو المجهول. النقطة الإيجابية الوحيدة ربما أن باب الحل ليس موصدا بالكامل وأن الحـكومة مدعوة الآن بشكل عاجل ، وفق نفس مصادر الصحيفة، إلى البحث عن قروض إضافية تتراوح بين الأربعة وخمسة مليار دينار (2.5 و3.2 مليار دولار) أو محاولة اقتصاد هذا المبلغ داخليا بإجراءات معينة، مؤلمة في الغالب، حتى تتمكن من سداد الأجور والمعاشات إلى نهاية هذا العام.
بحث رئيس الحكومة التونسية في جولة خليجية شملت مؤخرا السعودية والبحرين وقطر والإمارات والكويت إمكانية الحصول على ما يساعد على تجاوز هذه المرحلة الصعبة إلا أنه لم يظفر بشيء. أكثر من ذلك، تسربت أنباء عن أن بعض هذه الدول ربطت أية مساعدة محتملة بعدم وجود حركة النهضة الإسلامية في المشهد السياسي خاصة وأن الانتخابات المقبلة قبل موفى هذا العام قد تعيدها إلى الحكم بنسبة تقل أو تكثر. أما الاستنجاد بمؤسسات مالية دولية كبرى ، كانت أشاحت بوجهها عن حكومات تونس السابقة، فيتطلب وقتا لا تملك البلاد ترف انتظاره.
الأرجح أن لا ملاذ للتونسيين الآن إلا أنفسهم بالدرجة الأولى، وأن هذا يحتاج بالأساس إلى الاستعداد لبعض التضحية من قبل فئات كثيرة تهربت لسنوات وسنوات من دفع الضرائب المستحقة عليها مثلا، مع ضرورة خفض الانفاق الحكومي والتوقف عن مزيد من التوظيف في القطاع الحكومي المتضخم، وهو الإجراء الوحيد الذي أقدم عليه إلى حد الآن مهدي جمعة. كما أنه ما من مفر إلى مراجعة حزمة الدعم الذي تقدمه الدولة لكثير من المواد الغذائية والمحروقات والطاقة والبحث عن آلية معينة تحدد بالضبط من يجوز له التمتع بهذا الدعم من الفئات المسحوقة والضعيفة والتي لم تعد تحتمل مزيدا من ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة. الأهم، قبل ذلك وبعده، أن يستعيد التونسي روح العمل وإعلاء قيمته والإخلاص فيه والكف عن الشكوى ورمي كل المصائب على غيره وبالتأكيد الكف عن الإضرابات التي لا معنى لبعضها أحيانا. بهذا فقط يمكن لأبناء تونس إخراجها من عنق الزجاجة هذا فالبلد جدير بتضحية من هذا القبيل في انتظار فرج لن يطول انتظاره إن شاء الله.
كانت هناك إشارات عديدة هنا وهناك بأن الوضع المالي والاقتصادي لتونس صعب جدا هذه الأيام ولكن ما من أحد على وجه التحديد أفصح بجلاء بأن الأمور يمكن أن تصل إلى هذا المستوى من السوء. ربما احتاج التونسيون إلى صدمة من هذا القبيل حتى يدركوا جميعا أن الوضع لم يعد يحتمل على الإطلاق مزيدا من التدهور وأن الجميع مسؤول بدرجات متفاوتة على أخذ البلاد نحو المجهول. النقطة الإيجابية الوحيدة ربما أن باب الحل ليس موصدا بالكامل وأن الحـكومة مدعوة الآن بشكل عاجل ، وفق نفس مصادر الصحيفة، إلى البحث عن قروض إضافية تتراوح بين الأربعة وخمسة مليار دينار (2.5 و3.2 مليار دولار) أو محاولة اقتصاد هذا المبلغ داخليا بإجراءات معينة، مؤلمة في الغالب، حتى تتمكن من سداد الأجور والمعاشات إلى نهاية هذا العام.
بحث رئيس الحكومة التونسية في جولة خليجية شملت مؤخرا السعودية والبحرين وقطر والإمارات والكويت إمكانية الحصول على ما يساعد على تجاوز هذه المرحلة الصعبة إلا أنه لم يظفر بشيء. أكثر من ذلك، تسربت أنباء عن أن بعض هذه الدول ربطت أية مساعدة محتملة بعدم وجود حركة النهضة الإسلامية في المشهد السياسي خاصة وأن الانتخابات المقبلة قبل موفى هذا العام قد تعيدها إلى الحكم بنسبة تقل أو تكثر. أما الاستنجاد بمؤسسات مالية دولية كبرى ، كانت أشاحت بوجهها عن حكومات تونس السابقة، فيتطلب وقتا لا تملك البلاد ترف انتظاره.
الأرجح أن لا ملاذ للتونسيين الآن إلا أنفسهم بالدرجة الأولى، وأن هذا يحتاج بالأساس إلى الاستعداد لبعض التضحية من قبل فئات كثيرة تهربت لسنوات وسنوات من دفع الضرائب المستحقة عليها مثلا، مع ضرورة خفض الانفاق الحكومي والتوقف عن مزيد من التوظيف في القطاع الحكومي المتضخم، وهو الإجراء الوحيد الذي أقدم عليه إلى حد الآن مهدي جمعة. كما أنه ما من مفر إلى مراجعة حزمة الدعم الذي تقدمه الدولة لكثير من المواد الغذائية والمحروقات والطاقة والبحث عن آلية معينة تحدد بالضبط من يجوز له التمتع بهذا الدعم من الفئات المسحوقة والضعيفة والتي لم تعد تحتمل مزيدا من ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة. الأهم، قبل ذلك وبعده، أن يستعيد التونسي روح العمل وإعلاء قيمته والإخلاص فيه والكف عن الشكوى ورمي كل المصائب على غيره وبالتأكيد الكف عن الإضرابات التي لا معنى لبعضها أحيانا. بهذا فقط يمكن لأبناء تونس إخراجها من عنق الزجاجة هذا فالبلد جدير بتضحية من هذا القبيل في انتظار فرج لن يطول انتظاره إن شاء الله.
*بترخيص من الكاتب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق