استشراف(1)
|
تونس
المستقبل ، استقرار في عدد السكان
.. تقلص في
عدد الصغار..
وانفجار في
عدد الشيوخ
التصحر السكاني وتوازنات سكانية جديدة يتهددان المستقبل
|
تونس/الرأي
العام /من عبداللطيف الفراتي
عشية إنجاز
التعداد العام للسكان خلال أسابيع قليلة ، يحق للمرء أن يتوقف قليلا وبصفة
استشرافية على ما سيكون عليه الوضع في بلادنا في أفق منتصف الثلاثينيات من هذا
القرن.
وفي المنطلق
فإن التقديرات تفيد بأن عدد السكان في تونس في منتصف 2013 بلغ 10 ملايين و886 ألفا ، وهو رقم يؤكد ما ذهب إليه المخططون في وثيقة
الإسقاطات السكانية التي أنجزها المعهد الوطني للإحصاء للفترة الممتدة من سنة 2004
إلى 2034 ، ولكن في إطار فرضية الانخفاض السريع للخصوبة.
وإذا استمر
الحال على ما هو عليه فإن التطور السكاني للبلاد ، سيكون بطيئا ولن يصل عدد السكان إلا إلى ما يقل عن 12 مليون
ونصفا في العام 2034.
وفي كل
الحالات وحتى في وضع استقرار الخصوبة (عند المرأة التونسية) فإن عدد سكان البلاد
التونسية لن يتجاوز بحال 13 مليونا و235 ألفا في العام 2034.
ويتوقع
الخبراء والإستشرافيون، أن الإدارة العامة للإحصائيات الديموغرافية ستعمد، مباشرة
بعد التعداد العام للسكان هذا الربيع وظهور نتائجه، للقيام وللمرة الثالثة بإنجاز
إسقاطات جديدة للسكان في تونس، تمكن من معرفة الوضع السكاني العددي لما يقارب
منتصف هذا القرن.
وكان معهد
الإحصاء قد عمد مباشرة بعد ظهور نتائج تعداد سنة 2004 ، إلى القيام بالدراسات
اللازمة لتصور ، التطور الديموغرافي للبلاد إلى حدود العام 2034، وهو ما يستخدم
عادة كركيزة ، لضبط أهداف ووسائل وتوجهات المخططات التنموية.
واعتمدت هذه
الوثيقة 4 فرضيات للنمو السكاني،
-
فرضية استقرار في الخصوبة (أي عدد من
الولادات للمرأة خلال فترة معينة يتسنى فيها لها الإنجاب)
-
فرضية الانخفاض البطيء للخصوبة
-
فرضية الانخفاض المعتدل للخصوبة
-
فرضية الانخفاض السريع للخصوبة.
ومن خلال قراءتنا للوضع السكاني في تونس عبر " جدول
التطور المستقبلي الجملي للسكان" المنشور في الصفحة 22 من
مجلد"الإسقاطات السكانية -2004/2014" الصادر في جوان 2007 عن المعهد
الوطني للإحصاء، فإنه يبقى مؤكدا ، أن تونس تسير على نمط للخصوبة سريع الإيقاع،
ففي فترة الخمس سنوات بين 2009 و2014 مر عدد السكان المحتمل من 10 ملايين و446
ألفا إلى 10ملايين و938 ألف أي بمعدل زيادة سكانية لا تتجاوز مائة ألف في السنة،
وهو ما يلتقي مع الوضع الديمغرافي الحالي، ففي جويلية 2013 كان عدد سكان البلاد
التونسية المحتمل 10 ملايين و886 ألفا وبالتالي فإن هذا الرقم يلتقي تقريبا مع
الرقم المبرمج للعام 2014 في منتصف السنة حسب الجدول المشار إليه أي 10 ملايين و983 ألف من السكان.
و الاستنتاج الذي يمكن للمرء أن ينتهي إليه، في انتظار
تأكيد المختصين، ونتائج التعداد السكاني الذي سيبدأ تنفيذه بعد أسابيع، ولن تظهر
نتائجه الأولية إلا بعد أشهر، هو أن تونس توغلت في نمط للنمو السكاني يعتمد
انخفاضا سريعا للخصوبة، وهو ما يلاحظ في المجال المجتمعي.
وانطلاقا من ذلك فإن عدد سكان البلاد التونسية سيكون ،
وفي انتظار التأكيد من
وثيقة"الإسقاطات السكانية الجديدة" التي ستصدر بعد التعداد كما يلي :
2014: 10 ملايين و983 ألفا
2019: 11 مليونا و473 ألفا
2024 : 11 مليون و853 ألفا
2029: 12 مليون و121 ألفا
2034 : 12 مليون و305 آلاف ساكن
أي وهذا استنتاج استقيناه من ديمغرافيين أن تونس تتجه
سريعا نحو الاستقرار السكاني، وأنها ربما شهدت مستقبلا وفي أفق منظور أي ما بين 50
و70 سنة بدء تراجع في عدد السكان.
ماذا يعني هذا في ظل تطور مستقبلي لنسبة النمو الطبيعي
للسكان ، وهي نسبة مرشحة للانخفاض السريع في كل حالات الفرضيات المحتملة.
يعني ببساطة، أن تونس هي بصدد "التشيخ" أو
طغيان عدد كبار السن وبصورة سريعة، أي ومن الناحية الاقتصادية أن الفئات النشيطة
المنتجة والمتناقصة نسبة وعددا ستكون مضطرة لإعالة أعداد أكبر من
غير الناشطين ، فيما سيزداد إنفاق المزيد على كبار السن، ما بعد الكهولة،.
غير أنه لا بد من الملاحظة هنا أننا اعتمدنا وفقا
للأرقام المستنتجة من قبلنا ، فرضية التراجع السريع للخصوبة، وهو ما ستؤكده أو
تنفيه ، دراسات الإسقاطات السكانية المقبلة المقرر الحصول عليها خلال عام أو
عامين، تبعا لنتائج التعداد العام للسكان.
ولعل الإسنتاجات الكبيرة التي ينبغي الوقوف عندها،ولا بد للعودة للموضوع
في مستقبل قريب هو ما يلي:
أولا : أن البلاد التونسية هي حاليا بصدد التصحر
السكاني، بعكس جيرانها الذين ما زالوا يحافظون على نسبة نمو ديموغرافي عالية، وفي
الوقت الذي ينتظر فيه أن يصل عدد سكان الجزائر والمغرب إلى ما بين 50 و60 مليونا
وليبيا إلى 10 أو 11 مليونا في أفق 2035، فإن تونس ستعرف عددا من السكان في نفس
الفترة لا يفوق 13 مليونا إلا بقليل.
ثانيا: أن "التشيخ السكاني" أو التهرم سيلقي بظلاله الثقيلة في أفق يسبق حتى ما قبل
2034، فالإنفاق على الصحة لكبار السن، سيؤدي إلى مزيد اختلال أنظمة التأمينات
الاجتماعية، وارتفاع نسبة كبار السن في ظل تقلص الولادات وارتفاع مؤمل الحياة
واستقرار عدد السكان في سن العمل، سيفرض نفقات لمدد أطول في مجال التقاعد إزاء
صناديق في حالة إفلاس ، فيما أن الفئات في سن النشاط أي المنتجة ستتضاءل قياسا إلى
صغار السن المتقلص عددهم تدريجيا، وخاصة
لكبار السن الذين سيكون ضغطهم قويا على المجتمع.
ثالثا : إن توازنات جديدة وملحة تفترض الاستعداد ومن
الآن ، لفترة وصلتها أوروبا بعد مئات السنين وستكون تونس في مواجهتها بعد عشرات
السنوات من التنظيم العائلي(1966).
مؤطر وسط
موضوع الإسقاطات السكانية
مقارنات بين دول المغرب الأوسط
تتسم الأرقام المتاحة بالنسبة للإسقاطات
السكانية بين دول المغرب العربي الأوسط أي
تونس والجزائر والمغرب بتنافرها، فالمتاح منها يشمل العام 2025 و2050 بالنسبة
للجزائر ، وعام 2030 بالنسبة للمغرب ، و2035 بالنسبة لتونس.
على أنه باستقراء الأرقام المعتمدة بالنسبة
للإسقاطات السكانية التونسية في الجداول المتاحة في وثيقة "الإسقاطات
السكانية 2004/ 2035 الصادر عن المعهد الوطني للإحصاء يمكن استخراج
سنوات قريبة من سنوات 2025 و2030.
ففي تونس ينتظر ووفقا لانخفاض سريع للخصوبة
اعتمدناه في متن المقال المصاحب (2024 ولا 2025) يكون عدد السكان في حدود 11
مليونا و853 ألفا في نفس الفترة
تقريبا(2025) حيث يكون عدد السكان الجزائريين
44 مليونا (38 مليون حاليا) .
ومقارنة مع المغرب (32.900 مليونا حاليا ) سيكون
عدد السكان 38 مليونا سنة 2030، مقابل 12 مليون و121 ألفا في تونس (سنة 2029).
ولا يمكن المقارنة مع السنة المرجعية المعتمدة
في تونس للإسقاطات في تونس لا مع المغرب ولا مع الجزائر، لعدم توفر أرقام عن تلك
السنة في البلدين.
وبالمقابل فإن الإسقاطات في الجزائر تمتد للعام
2050، وباعتبار طول المدة فإن عدد السكان المتوقع يتراوح بين 53 مليونا و55 مليونا
حسب المصادر.
وبعبارة أخرى فإن
عدد سكان تونس هو بصدد تطور بطيء سواء بالمقارنة مع الجزائر أو مع المغرب.
(1)تمت كتابة هذا المقال للموقع الجريدة
"الرأي العام "بتاريخ 26/فيفري/ 2014